رئيس التحرير
أيمن حسن

في خطوة طال انتظارها، يُطلّ مشروع قانون الأحوال الشخصية الجديد ليعيد ترتيب الأوراق، وليكتب سطورًا جديدة في دفتر الحياة الشخصية للمصريين.

المشروع، الذي أعلن المستشار عبد الرحمن محمد، رئيس لجنة إعداده، عن الانتهاء من صياغة مواده، يمثل انعكاسًا إنسانيًا عميقًا لحياة تتأرجح بين المودة والفرقة، بين الحقوق والواجبات.

القانون الجديد يتألف من ثلاثة أقسام: الولاية على النفس، الولاية على المال، والإجراءات المنظمة للمسائل الشخصية، وبين هذه الأقسام، نجد أن الحياة بكل تشابكاتها ومعضلاتها قد سُكبت في كلماتٍ موزونة، فالولاية على النفس وحدها تضم 175 مادة، والولاية على المال 89 مادة، بينما تتناول 91 مادة الإجراءات، ومن اللافت أن 60 مادة جمعت المسلمين والمسيحيين على طاولة واحدة، في روح تعكس التآلف الإنساني الذي تحتاجه بلادنا.

أبرز ما يميز هذا القانون هو محاولته أن يكون درعًا للعدالة وسيفًا للحقوق، لأول مرة، يُعاد ترتيب الأب في حضانة الأطفال ليأتي مباشرة بعد الأم، في خطوة تهدف إلى ترسيخ التوازن بين مصلحة الطفل وحقوق الوالدين، أما الزوجة، فلن تكون بعد الآن مُطالبة بالسير في متاهات القضايا المبعثرة، إذ ينص القانون على جمع كافة دعاويها في صحيفة واحدة أمام قاضٍ واحد.

وفيما يخص الأب الممتنع عن دفع النفقة، فإن القانون كان حازمًا؛ فلا رؤية للأطفال إلا بعد الوفاء بالتزاماته، هذا البند، وإن بدا صارمًا، يعكس فلسفة القانون في أن الحقوق والواجبات وجهان لعملة واحدة لا تقبل الانفصال.

ولعل من أكثر الإضافات لفتًا للأنظار، هي وثيقة التأمين الاختيارية على الزوجة قبل الزواج، التي تحمل رمزية الحماية والشراكة، وكأنها شهادة ثقة من الزوج بأن الحياة ليست مجرد كلمات في عقد، بل التزام كامل الأركان.

القانون الآن بانتظار مجلس النواب بعد أن أنهت وزارة العدل دراسته، في لحظة تبدو وكأنها وقفة على عتبة الأمل، هذا القانون ليس مجرد أوراق، بل جسر جديد يعبر بالمصريين نحو عدالة أسرية لا تفرق بين أم وأب، مسلم ومسيحي، غني وفقير.

لقد وُضعت النقاط على الحروف، ويبقى أن تُقرأ الجُمل في ضوء الواقع، فهل تكون هذه الإصلاحات نافذة تُطل منها البيوت على حياة أكثر استقرارًا؟

 

تم نسخ الرابط