(فرحًا مع الفرحين).. هذا الأمر الإلهى جاء فى الإنجيل دون أن يحدد لنا من هم الفرحين، لذلك فهى تأمرنا بمشاركة الجميع أفراحهم أيا كانت جنسياتاهم أو كينونتهم ولهذا نشأنا وتربينا على الفرح الحقيقى مع جيراننا وأحبائنا المسلمين فى شهر رمضان بالتحديد حتى إن أطفالنا يطالبون بفانوس رمضان، وكنا نلهو بالبمب والصواريخ الصغيرة النارية لحظة إطلاق مدفع الافطار، وعندما كبرنا شاهدنا البمب والقابلة الحقيقية الإرهابية ترعبنا حتي في شهر رمضان المعظم من قوم لا ملة لهم ولا دين، والقاء نظرة عابرة على الشارع المصرى لن يعرف مطلقًا الطفل المسيحى من المسلم.
أما الكنافة فتصبح زائرًا مستديمًا فى هذا الشهر بالتحديد ولا يفكر أى بيت مسيحى أو مسلم فى تناولها على مدار السنة حيث لاطعم لها ولا لون ولا رائحة، وأتذكر طفولتي وقتها حيث كانت تعليمات والدى بعدم الأكل أو الشرب بالشارع إطلاقًا خلال نهار رمضان حتى يؤذن بصلاة المغرب لذلك تربينا على هذه المبادئ لمراعاة مشاعر الآخرين.
وأتحسس على وجهى لأتذكر أول صفعة أخذتها من والدى عندما عدت لمنزلنا وبيدى نصف باكو بسكويت، وكنا فى نهار رمضان وعندما هرعت لوالدتى باكيًا أفهمتنى الخطأ الفادح الذى ارتكبته والذى يخالف تعاليم ربنا.. لذلك بعد عشرات السنين نشرت على موقعى بالنت نداءًا إلى الكهنة والمسؤولين بالكنائس بضرورة التنبيه على الأطفال بمدارس الأحد بمراعاة هذا أثناء حلول شهر رمضان.
كما أتذكر المخرج والممثل الكبير عبد الغفار عودة عندما كان فى استديو ١٠ بالتليفزيون يشارك فى مسلسل (محمد رسول الله) وكان هذا أثناء شهر رمضان وكنت أتدرب فى إحدى الصحف وكلفت بعمل ريبورتاج صحفى وحوارات وكانت الفرصة رائعة لتواجد من كلفت بالحوار معهم داخل التليفزيون، وعندما حل موعد الافطار لمحنى عبد الغفار عودة أنتحى جانبًا فدعانى لأشاطره طعامه قائلًا: نعتذر لأن المنتج لم يعمل حسابك يا بني فى وجبة الفطار وانت (داخل طالع شغال النهار كله حوارات وخلصت الكشكول كله) ولم يكن مسموحًا وقتها باستخدام المسجل داخل التليفزيون (كان هذا منذ أكثر من 40 سنة) وعقب الإفطار اندهش عندما علم أننى مسيحى، وقال الحمد لله أنا كده اطمنت إن مصر ولادة ومحمية بالقرآن والإنجيل.