أكثر من 30 لقاء.. السيسي ومحمد بن زايد يواصلان مشوار الأخوة المصرية الإماراتية
استقبل الرئيس عبد الفتاح السيسي، ظهر اليوم الأحد، بمطار العلمين، الشيخ محمد بن زايد آل نهيان رئيس دولة الإمارات العربية المتحدة الشقيقة، والذي يحل ضيفاً عزيزاً على بلده الثاني مصر.
وصرح السفير بسام راضى، المتحدث الرسمي باسم رئاسة الجمهورية، بأن لقاء الزعيمين تناول تبادل الرؤى ووجهات النظر تجاه القضايا الدولية والأمن الاقليمى والأوضاع الراهنة بالمنطقة العربية، حيث تم التأكيد على أهمية تعزيز العمل العربي المشترك ووحدة الصف العربي في مواجهة التحديات التي تشهدها المنطقة العربية، ومن أجل توحيد جميع الجهود الرامية إلى التوصل إلى حلول دائمة للأزمات في دول المنطقة تسهم في إرساء دعائم الأمن والاستقرار فيها وتحقيق الاستقرار والسلام لشعوبها.
وعلى مدار التاريخ، كانت القوة والمتانة حاضرة في العلاقات بين مصر والإمارات العربية المتحدة، حيث لطالما كان هناك تناسق مثالى بين البلدين الشقيقين فى كافة المجالات السياسية والاقتصادية والثقافية وغيرها.
سلسلة من اللقاءات
منذ وصول الرئيس عبد الفتاح السيسي إلى الحكم في عام 2014، كان الشيخ محمد بن زايد في طليعة المهنئين والحاضرين للتأكيد على الأخوة والشراكة بين الدولتين العريقتين.
وفي إطار التنسيق المستمر بين الإمارات ومصر، التقى الشيخ محمد بن زايد آل نهيان ولى عهد أبوظبى نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة، مع شقيقه الرئيس عبد الفتاح السيسى رئيس جمهورية مصر العربية، قرابة 30 مرة منذ 7 يونيو 2014، وحتى لقاء اليوم في مدينة العلمين الجديدة.
خصوصية العلاقات
ويعد الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، القائد العربى الوحيد الذى حضر افتتاح كل القواعد العسكرية المصرية الجديدة، بداية من مشاركته فى افتتاح قاعدة "محمد نجيب العسكرية" فى يوليو 2017، مروراً بمشاركته فى افتتاح قاعدة "برنيس" على البحر الأحمر فى يناير 2020، وحضر افتتاح قاعدة "3 يوليو" العملاقة على ساحل البحر الأبيض المتوسط، وهو ما يؤكد ويعكس قوة وخصوصية العلاقات المصرية الإماراتية فى جميع المسارات "السياسية والاقتصادية والعسكرية".
وترتبط دولة الإمارات العربية المتحدة وجمهورية مصر العربية بعلاقات تاريخية وثيقة تستند على الوعى والفهم المشترك لطبيعة المتغيرات الإقليمية والدولية التى شهدتها وتشهدها المنطقة، وأهمية التعامل معها بسياسات ومواقف متسقة ومتكاملة ترسخ الأمن العربى والإقليمى، وتحافظ على استدامة التنمية فى دولها.
ويحظى البلدان بحضور ومكانة دولية خاصة مع ما تتميز به سياستهما من توجهات حكيمة ومعتدلة ومواقف واضحة فى مواجهة التحديات الإقليمية المرتبطة بإرساء السلام، ودعم جهود استقرار المنطقة، ومكافحة التطرف والإرهاب، وتعزيز الحوار بين الحضارات والثقافات.
تاريخ العلاقات بين البلدين
ترتبط مصر والإمارات بعلاقات تاريخية أرسى دعائمها المغفور له بإذن الله الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، من خلال قناعة راسخة بمكانة مصر ودورها المحورى فى المنطقة.
ويرجع تاريخ العلاقات المصرية الإماراتية إلى ما قبل العام 1971 الذى شهد قيام دولة الإمارات العربية المتحدة، تحت قيادة المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان "طيب الله ثراه" الذى ترك وصية خاصة بمصر، قال فيها: "نهضة مصر نهضة للعرب كلهم.. وأوصيت أبنائى بأن يكونوا دائما إلى جانب مصر.. وهذه وصيتى، أكررها لهم أمامكم، بأن يكونوا دائما إلى جانب مصر، فهذا هو الطريق لتحقيق العزة للعرب كلهم.. إن مصر بالنسبة للعرب هى القلب، وإذا توقف القلب فلن تكتب للعرب الحياة".
قوة العرب
وتاريخياً، كانت مصر من أوائل الدول التى دعمت قيام اتحاد دولة الإمارات العربية المتحدة عام 1971، وسارعت للاعتراف به فور إعلانه ودعمته دوليا وإقليميا كركيزة للأمن والاستقرار، وإضافة جديدة لقوة العرب.
ومنذ ذلك التاريخ استندت العلاقات الإماراتية المصرية على أسس الشراكة الاستراتيجية بينهما لتحقيق مصالح الشعبين ومواجهة التحديات التى تشهدها المنطقة، وقد تعددت لقاءات قيادتى البلدين ومسؤوليها على كل المستويات للتنسيق حيال تلك التحديات، وفى عام 2008 تم التوقيع على مذكرتى تفاهم بشأن المشاورات السياسية بين وزارتى خارجية البلدين، نصت على أن يقوم الطرفان بعقد محادثات ومشاورات ثنائية بطريقة منتظمة لمناقشة جميع أوجه علاقتهما الثنائية وتبادل وجهات النظر بشأن القضايا الإقليمية والدولية ذات الاهتمام المشترك، ومن أجل المزيد من التنسيق المشترك تم الاتفاق فى فبراير 2017 على تشكيل آلية تشاور سياسى ثنائية تجتمع كل 6 أشهر مرة على مستوى وزراء الخارجية والأخرى على مستوى كبار المسؤولين.
دعم فى الحرب والبناء
لطالما وقفت الإمارات إلى جانب شقيقتها مصر فى الأوقات الصعبة منذ العدوان الثلاثى على مصر فى عام 1956، وفى أعقاب حرب يونيو 1967 حيث سارع الشيخ زايد "طيب الله ثراه" إلى مد يد العون لإزالة مخلفات العدوان الإسرائيلى، وصولا إلى مساهمته فى حرب أكتوبر 1973، واتخاذه قرار قطع النفط تضامنا مع مصر، بجانب تبرعه بـ100 مليون جنيه إسترلينى لمساعدة مصر وسوريا فى الحرب.
كما شارك المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان "رحمه الله"، فى مرحلة بناء مصر والتى توجت بمدينة الشيخ زايد/ 9500 فدان/ التى أهداها لمصر عام 1995، بمنحة من صندوق أبوظبى للتنمية، كما توجد مدينة جديدة فى المنصورة تحمل اسم الشيخ زايد أيضا، وفى 2010 تم الانتهاء من مشروع قناة الشيخ زايد، لنقل مياه النيل إلى الأراضى الصحراوية فى منطقة توشكى، وفى مستشفى الشيخ زايد يعالج المصريون، ويتعلم أبناؤهم فى مدارس تحمل اسمه.
تنسيق تام بين البلدين
وشهدت السنوات الماضية تنسيقا وثيقا بين البلدين على الصعيد السياسى خصوصا حيال القضايا الرئيسية على الصعيدين العربى والدولى، وتعددت لقاءات قيادتى البلدين ومسؤوليها للتنسيق حيال تلك المواقف، وهو ما أظهر نجاحا كبيرا فى العديد من الملفات التى تحظى باهتمام الجانبين.
وتنظم العلاقات بين البلدين مجموعة من الاتفاقيات والبروتوكولات ومن أبرزها: اتفاقية للتعاون العلمى والتقنى فى الميادين الزراعية، اتفاق تبادل تجارى وتعاون اقتصادى وتقنى وتشجيع وحماية الاستثمارات، اتفاق إنشاء لجنة عليا مشتركة بين البلدين، اتفاق تعاون مشترك بين الاتحاد العام للغرف التجارية المصرية واتحاد الغرف التجارية والصناعية بدولة الإمارات، اتفاقية للتعاون المشترك بين الاتحاد التعاونى الاستهلاكى بدولة الإمارات والاتحاد العام للتعاونيات بمصر.
وجاء اتفاق إنشاء مجلس الأعمال المصرى الإماراتى المشترك بين الاتحاد العام للغرف التجارية واتحاد غرف تجارة وصناعة أبوظبى، اتفاقية تشجيع وحماية الاستثمار، اتفاقية التعاون القانونى والقضائى، اتفاقية بشأن الخطوط الجوية، مذكرة تفاهم بين شركة أبوظبى لطاقة المستقبل والهيئة العامة للاستثمار.
علاقات ثقافية وطيدة
وعلى المستوى الثقافى، فإن هناك علاقة وطيدة وتأخي حقيقي بين البلدين، إذ تتم سنويا زيارات ولقاءات متبادلة بين المثقفين المصريين والإماراتيين فى المؤتمرات الثقافية والعلمية والفنية التى يستضيفها البلدين.
وتعبيرا عن التقدير للدور الإماراتى الداعم لقطاع الثقافة فى مصر قدم الرئيس عبد الفتاح السيسى، فى مايو 2015 قلادة الجمهورية، للشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمى عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة، التى منحت له بموجب قرار جمهورى صادر فى 29 ديسمبر 2013، وذلك تقديرا لمواقفه الداعمة لقطاع الثقافة فى مصر وحرصه على إنشاء دار جديدة للوثائق القومية بمنطقة الفسطاط.
تقدير إماراتى للأزهر الشريف
يحظى الأزهر الشريف بتقدير إماراتى رسمى وشعبى، كمرجع دينى معتدل، وفى هذا الإطار جاء إعلان مركز جامع الشيخ زايد الكبير فى أبريل 2013 عن مبادرة لتمويل عدة مشروعات فى الأزهر الشريف بجمهورية مصر العربية تبلغ تكلفة إنشائها نحو 250 مليون درهم إماراتى.