رئيس التحرير
أيمن حسن

من قمة جدة لألمانيا وصربيا وفرنسا.. السيسي يبرهن على دور مصر المحوري في حل أزمات المنطقة

جولة مكوكية للرئيس
جولة مكوكية للرئيس السيسي

"جولة مكوكية خارجية".. توقيع بروتوكولات تعاون وجذب لاستثمارات خارجية.. وزيارة تاريخية إلى بلجراد

في خضم الأزمات، التي باتت تهدد السلم والأمن العالميين، والظروف الاقتصادية الصعبة التي تسيطر على المشهد، منذ اندلاع الحرب الروسية الأوكرانية، أجرى الرئيس عبد الفتاح السيسي جولة خارجية مكوكية شملت بلدان عربية وأوروبية، وشهدت عقد العديد من اللقاءات الهامة والبارزة، في إطار تنشيط العلاقات الخارجية، ودفع عجلة التعاون مع الشركاء، بما يعود بالنفع على مصالح مصر العليا.

الرئيس خاض أسبوعا حاسما، أجرى خلاله «جولة مكوكية خارجية»، بدأت من حضور قمة جدة التي جمعت دول الخليج والولايات المتحدة الأمريكية بجانب مصر والأردن والعراق، ثم زيارته لألمانيا الاتحادية ثم صربيا، ثم ختامًا فرنسا بدعوة من الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، والتي نستعرضها بالتفصيل في السطور التالية:-

قمة جدة

توجه الرئيس عبد الفتاح السيسي إلى المملكة العربية السعودية، وذلك لحضور قمة التعاون الخليجي "قمة جدة للأمن والتنمية" والتي شهدت كذلك مشاركة للولايات المتحدة الأمريكية.

وعلى هامش القمة، عقد الرئيس مقابلة مع الرئيس الأمريكي جو بايدن، إضافة إلى لقاءاته مع زعماء دول الخليج، والعاهل الأردني الملك عبد الله الثاني، ورئيس وزراء العراق مصطفى الكاظمي.

وصرح السفير بسام راضي المتحدث الرسمي لرئاسة الجمهورية، بأن كلمة الرئيس السيسي في قمة جدة حددت 5 محاور رئيسية للتعاون مع الجانب الأمريكي في إطار شراكة ممتدة لحل مشاكل المنطقة والمشاكل الملحة، والتي يأتي في مقدمتها حل القضية الفلسطينية.

وأكد الرئيس أن القضية الفلسطينية، هي قضية القضايا وحلها من شأنه يفتح آفاقا كبيرة لدول المنطقة، لم تعهدها من قبل من التعاون والسلام.

المشاركة بمنتدى بطرسبرج للمناخ ولقاء المستشار الألماني

عقب انتهاء قمة جدة، واللقاءات المكثفة التي عقدها الرئيس مع القادة العرب والرئيس الأمريكي، انطلقت طائرة الرئيس عبد الفتاح السيسي نحو القارة الأوروبية، في جولة مكوكية شهدت عقد العديد من اللقاءات، وذلك لتنشيط العلاقات الدبلوماسية، وجذب المزيد من الاستثمارات، مع تعزيز أوجه التعاون مع دول القارة.

البداية كانت من العاصمة الألمانية برلين، حيث توجه الرئيس بدعوة من المستشار الألماني أولاف شولتز، في الوقت الذي تتزامن الزيارة مع الاحتفال بمرور 70 عاما على العلاقات بين مصر وألمانيا، وتعد هذه هي الزيارة السادسة التي يقوم بها الرئيس إلى ألمانيا منذ توليه الرئاسة بمصر عام 2014.

وجاءت زيارة الرئيس إلى برلين، للمشاركة في منتدى بطرسبرج للمناخ 2022، والذي ترأسه مصر وألمانيا، في العاصمة برلين،، وشهد مشاركة وزراء المناخ والبيئة من ما يقرب من 40 دولة حول العالم، للتركيز على نقاط المناقشة الرئيسية في جدول أعمال المناخ العالمي وكيف يمكن لمؤتمر الأطراف السابع والعشرين دفع العمل.

وشهدت الزيارة اجتماع الرئيس السيسى على مائدة مستديرة فى برلين مع ممثلى مجتمع الأعمال ورؤساء كبرى الشركات الصناعية الألمانية، وذلك بمشاركة عدد من كبار المسئولين الألمان، وبحضور وزراء الخارجية، والكهرباء والطاقة المتجددة، والتخطيط والتنمية الاقتصادية، والبترول والثروة المعدنية، والنقل، والتجارة والصناعة، وهو ما ساهم فى دفع عجلة خطط التنمية المشتركة بين البلدين.

وتبادل الرئيس خلال لقائه مع الرئيس الألمانى فرانك فالتر شتاينماير، وجهات النظر حول عددٍ من القضايا الدولية ذات الاهتمام المشترك، لاسيما تطورات الأزمة الأوكرانية، فضلاً عن حرص الرئيس السيسى على إحياء القضايا الإقليمية الإستراتيجية ذات الصلة واعادتها لدائرة الاهتمام الغربى كالأزمتين الليبية واليمنية، وكذلك القضية الفلسطينية التى توافق الجانبان بشأنها حول تأكيد ضرورة التوصل إلى حل عادل وشامل للقضية الفلسطينية.

من جانبه، أكد المستشار الألماني أولاف شولتز أن برلين تؤيد الحل القائم على إقامة دولتين وهناك تعاون وثيق مع مصر فى هذا الشأن فى إطار مجموعة ميونيخ التى تتضمن "مصر والأردن وفرنسا وألمانيا".

وأكد شولتز إن بلاده تشارك مصر نفس الرؤية بشأن ليبيا، وهى أهمية اجراء الانتخابات وتشكيل حكومة ليبية موحدة تنطلق من العملية الدستورية.

الزيارة الأولى لصربيا

عقب انتهاء لقاءاته بألمانيا، توجه الرئيس عبد الفتاح السيسي في زيارة إلى صربيا، حيث تعد هذه هي أولى زيارته لبلجراد، وعقد مباحثات مع الرئيس الصربي ألكسندر فوتشيتش بالعاصمة بلجراد.

وأقيمت للرئيس مراسم الاستقبال الرسمي، وتم عزف السلامين الوطنيين واستعراض حرس الشرف.

وصرح المتحدث الرسمي باسم رئاسة الجمهورية بأن الرئيس الصربي استهل اللقاء بالترحيب بالرئيس ضيفاً عزيزاً في صربيا للمرة الأولى، معرباً عن تقدير بلاده لمصر قيادةً وشعباً، ومشيداً بالعلاقات الثنائية الوثيقة التي تربط بين مصر وصربيا، مع تأكيد حرص بلاده على مواصلة الارتقاء بتلك العلاقات وتعزيز التعاون والتنسيق بين البلدين الصديقين على جميع المستويات، لاسيما في ضوء دور مصر المحوري كركيزة للاستقرار والأمن والسلام في الشرق الأوسط وأفريقيا.

وتوجه الرئيس السيسي، بالشكر للرئيس "فوتشيتش" على دعوته لزيارة صربيا وحفاوة الاستقبال وكرم الضيافة، مجدداً التهنئة على إعادة انتخابه رئيساً لجمهورية صربيا لولاية ثانية، بما يعكس ثقة المواطنين الصرب في قيادته في مرحلة تاريخية تتسم بالعديد من التحديات السياسية والاقتصادية، ومشيداً بمتانة العلاقات الممتدة بين مصر وصربيا ومدى تميزها، خاصةً على صعيد حركة عدم الانحياز، مع الإعراب عن اهتمام مصر المتبادل بتطوير تلك العلاقات والارتقاء بها في كافة المجالات واستمرار التنسيق والتشاور السياسي بين البلدين واستكشاف أوجه التعاون بينهما.

وذكر المتحدث الرسمي أن المباحثات شهدت تناول سبل تعزيز العلاقات الثنائية على مختلف الأصعدة، حيث أشاد الرئيس الصربي في هذا الصدد بالطفرة التنموية الملحوظة التي تشهدها مصر خلال السنوات الأخيرة، مؤكداً تطلع بلاده لتعزيز الاستثمارات المتبادلة في العديد من القطاعات وتعظيم حجم التبادل التجاري بين البلدين الصديقين وإحداث نقلة نوعية في العلاقات الاقتصادية المصرية الصربية، خاصةً من خلال مشاركة الشركات الصربية في تنفيذ المشروعات القومية العملاقة في مصر.

ولفت المتحدث الرسمي إلى أن هناك حرصا شديدا من القادة الأوروبيين الكبار للاستماع لوجهة نظر الرئيس السيسي وتقديراته، لكيفية الخروج من الأزمات الموجودة، لافتا إلى أن زيارة صربيا كانت رائعة وامتدادا للإرث التاريخي بين القاهرة وبلجراد، وكانت هناك حفاوة استقبال، وتم التباحث في جميع الأوجه التي يمكن تفعيلها خلال الفترة المقبلة.

لقاء الرئيس الفرنسي ومباحثات مكثفة بباريس

طائرة الرئيس حطت رحالها في العاصمة الفرنسية باريس، حيث المحطة الأخيرة في جولته الأوروبية، وذلك تلبية لدعوة الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون.

وشملت الزيارة عقد مباحثات قمة بين الرئيسين تناولت عدداً من الملفات ذات الصلة بالعلاقات الثنائية، فضلاً عن الموضوعات المطروحة على الساحتين الإقليمية والدولية، إلى جانب بحث سبل تعزيز العلاقات الثنائية على كافة المستويات.

وأكدت الرئاسة الفرنسية، أن مصر تعتبر شريكا مهما لفرنسا، وأن المشاورات مستمرة مع القاهرة فى كل الملفات، حيث تباحث الرئيسان فى ملف الطاقة وتداعيات الحرب فى أوكرانيا كمحورين أساسيين على الساحة الدولية.

وخلال الزيارة، التقى الرئيس السيسى مع برونو لومير، وزير الاقتصاد والمالية الفرنسى الذى أكد خلال اللقاء حرص بلاده على تعظيم التعاون مع مصر فى مختلف المجالات التى من شأنها أن تصب فى صالح العملية التنموية الجارية فى مصر، لاسيما فى ظل الجهود التى تبذلها مصر على كافة الأصعدة من خلال إنجاز العديد من النجاحات الاقتصادية والتنموية، فضلاً عن محورية الدور المصرى فى إرساء دعائم الأمن والاستقرار في منطقة الشرق الأوسط.

أعرب الرئيس السيسى، عن التطلع لتعميق وتطوير آفاق التعاون المشترك مع فرنسا فى المجالين الاقتصادى والتجارى، لاسيما من خلال زيادة الاستثمارات الفرنسية فى مصر، فى ضوء الفرص الواعدة التى تتيحها المشروعات الكبرى.

وشهد لقاء الرئيسين السيسي وماكرون، التوافق على أهمية تعزيز نشاط المشروعات التنموية والاستثمارات الفرنسية فى مصر، خاصة فى قطاع الطاقة الجديدة والمتجددة فى ظل اقتراب انعقاد قمة المناخ العالمية فى شرم الشيخ نوفمبر القادم.

وذكر السفير بسام راضي المتحدث الرسمي لرئاسة الجمهورية، أن لقاء الرئيس السيسي ونظيره ماكرون، كان مثمرا، مشيرا إلى أن الزيارة تأتي في وقت يعيش فيه العالم تداعيات الأزمة الروسية الأوكرانية، وسبقها أزمة كورونا، موضحا أنه كان هناك جلسة مغلقة ومطولة لمدة ساعتين بين الرئيسين، أهم ما جاء بها تناول الأزمة الأوكرانية وكيفية احتوائها وتفعيل دور المجتمع الدولي لإيجاد حل واحتواء الأزمة بالطرق السلمية والمفاوضات والوصول لحل توافقي بين الأطراف لتهدئة الأمور والحد من خطورة الأزمة العالمية.

في غضون ذلك، توقع عدد من خبراء الاقتصاد، أن زيارة الرئيس السيسى لفرنسا ستنعكس بوضوح على قطاعات بعينها ستشهد مزيدا من الزخم والتعاون فى مصر وفرنسا وهى الاتصالات والنقل والبنية التحتية ومحطات التحلية والصرف الصحى مع تمويل محطة تحلية المياه فى حلوان وتطوير ميناء الإسكندرية، لاسيما بعدما وصل حجم الاستثمارات الفرنسية فى مصر إلى 5 مليارات يورو.

زيارة الرئيس عبد الفتاح السيسي إلى بلدان أوروبا تعكس بشكل واضح، حرصه على انفتاح مصر على كافة دول العالم من أجل تحقيق أكبر قدر لمصالح مصر العليا، ومن أجل الحفاظ على مصالحها وسيادتها، وسيادة قرارها، وكذلك انعكاس واضح لأهمية دورها في حل الكثير من القضايا الإقليمية والدولية، والدور المحوري الذي تلعبه في المنطقة لحل الأزمات التي تواجهها.

تم نسخ الرابط