الإنتخابات في ليبيا رغم وعود الدبيبة تحتاج لجهود جبارة
إن مرحلة الانسداد التي تعاني منها الأزمة الليبية سواء على مسار إيجاد وسائل أو سبل لتوحيد المؤسسة العسكرية وإنهاء حالة الانفلات التي تعاني منها البلاد، وسواء مع تنازع السلطة في ظل وجود حكومة منتهية الصلاحية، وهي حكومة الوحدة الوطنية بقيادة عبد الحميد الدبيبة، وحكومة موازية أخرى مدعومة من البرلمان، يجعل البلاد على صفيح ساخن بشكل متواصل.
وبعد الاشتباكات الدموية التي شهدتها العاصمة طرابلس منذ فترة، بين الميليشيات المسلحة والتي راح ضحيتها العشرات من القتلى والجرحى، جراء هذا الإنسداد السياسي، يطل الدبيبة بشكل متجدد ليبيع أوهام الإنتخابات لليبيين، على الرغم من تأكيد الكثيرين من المراقبين بأنه سبب أساسي في عرقلتها أواخر العام الماضي والى الآن.
فقد قال رئيس حكومة الوحدة الوطنية الموقتة، عبدالحميد الدبيبة، إن حكومته ترفع شعار "الوصول بليبيا إلى الانتخابات"، وليس لديها مخطط آخر غير إجراء الاستحقاق الانتخابي. وأردف: "من يريد هذا الهدف يمكنه التفاهم معنا، وكذلك من يريد الحديث عن الدستور والانتخابات فنحن مستعدون للاستماع معهم".
في حين انتقد المحلل السياسي محمد قشوط تصريحات الدبيبة واتهمه بالمتسبب الرئيس عن إفشالها يوم 24 ديسمبر الماضي حين نكث بتعهده في جنيف وتقدم بملف ترشحه. وقال: "إن حديث الدبيبة عن جهوزية حكومته لتأمين الإنتخابات يقودني لمديرية أمنغريان أكبر مدن الجبل الغربي المقفلة منذ 10 أيام بسبب تنازع الميليشيات على من يتولى إدارة هذه المديرية فكل مليشيا تريد مدير يكون موالي له". وتساءل: "فهل بهذه الوضعية التي يفقد فيها الدبيبة الشرعية القانونية وسيطرته على المناطق التي يتواجد فيها قادر على أن يؤمن الإنتخابات كما يدعي وهماً".
ويرى خبراء ليبيون أن الدبيبة لا يؤمن بالانتخابات ويرفض التداول السلمي للسلطة وإنما يريد إحداث فوضى سياسية يستفيد منها في بقائه أكثر في منصبه. فهو سبق وأن رفض إجراءات مجلس النواب لعزله وتعيين بديل له، وهذا يعني أنه لن يحترم أي انتخابات تجرى، وإن جرت فهي لن تعدوا سوى بإنشاء كيان موازي يمنحه شرعية وهمية.
وبحسب الكاتب والمفكر السياسي الليبي عز الدين عقيل فإن الانفلات وعودة لغة السلاح لا يحدده الجيش ولا باشاغا، ولا الدبيبة، بل تحدده واشنطن ولندن، من خلال المخابرات الأميركية والإنجليزية، وقائد أفريكوم تاونسند، وسفيريهما في ليبيا، ومخططيهم الاستراتيجيين الذين خصصوهم لوضع سياساتهما تجاه ليبيا والتي هي منسقة تماما فيما بينهما، والتي تهدف الى إدامة حالة الفوضى فيها.
فلو ترك قرار الحرب لهؤلاء لكانت النار قد اشتعلت منذ اليوم الأول لتنصيب باشاغا رئيساً جديداً للحكومة. ولعل هذا هو السبب الجوهري لحرص باشاغا على التكرار المستمر لتمسكه بدخول طرابلس سلمياً. بل إن التحالف الأنجلوسكسوني هو الذي أجبر باشاغا على نقل مقر حكومته إلى فندق بضاحية قمرت التونسية وكلّف محافظ المصرف المركزي الصديق الكبير بتمويل هذه الإقامة رغم كلفتها العالية جداً على شعب بات يموت فقراً وجوعاً ومرضاً.
لذا، فإن الإنتخابات وفي ضوء الوضع الراهن، بعيدة المنال على الليبيين، ولإجرائها يجب القيام بجهود جبارة، من فك الضغط الأجنبي عن القرار السيادي وتنازل السياسيين لبعضهم البعض في مختلف القضايا الشائكة، وعزل الميليشيات عن المشهد في البلاد، والإلتزام بالقوانين الموضوعة وإقرار أخرى تواكب التطورات وتحقق آمال الشعب الليبي في الخلاص.